إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
لقاء إدارة التعليم
5388 مشاهدة
بذل الجهد في طلب العلم

لا شك أن العلم الشرعي هو علم الكتاب والسنة، ووسائل ذلك، رد بعض العلماء كابن عبد البر -رحمه الله- على من يركز على بعض العلوم الآليَّة كقول بعض الشعراء:
وإذا طلبت من العــلوم أهمهــا
فأهمهــا منهـا مقيـم الألسـن

انتقده، وقال:
فإذا طلبت من العـلوم أهمهـا
فأهمهـــا عنـد التقـي المـؤمن
علم الديـانة يا فتى فاظفـر به
..................................

إلى قوله:
هـذا الصحيح ولا مقـالة جاهـل
فأهمهــا منهـا مقيـم الألسـن
لـو كـان ذا فقه لقـال مبـادرا
فأهمهــا منهـا مقيــم الأديـن

ويقول بعض العلماء شعرا:
كل العلوم سـوى القـرآن مشغلة
إلا الحــديث وإلا الفقـه في الديـن
العلـم مـا كـان فيـه قال حدثنا
وما سـوى ذاك وسواس الشـياطين

يركز على العلم الشرعي الذي رواه العلماء بأسانيدهم، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- .
ويقول أيضا بعضهم:
العلـم قـال الله قـال رســوله
قـال الصحـابـة ليس خـلف فيه
ما العـلم نصبك للخـلاف سفاهة
بيـن النصـوص, وبين رأي فقيـه

فنتواصى بأن يكون تنافسنا في العلم الشرعي، الذي مدحه الله تعالى ومدح أهله، ونعرف أنه لا يُنال بمجرد التمني، بل لا بد أن يكون له وسائل ينال بها.
روي عن الإمام الشافعي -رحمه الله- أنه قال: العلم بطي اللزام، بعيد المرام، لا يدرك بالسهام، ولا يورث عن الآباء والأعمام، إنما هو شجرة لا تصلح إلا بالغرس، ولا تغرس إلا في النفس، ولا تسقى إلا بالدرس، ولا يحصل إلا بالاستناد إلى الحجر، وافتراش المدر، ولا يحصل إلا لمن أنفق العينين، وجثا على الركبتين ...... إلى آخر كلامه -رحمه الله- يمثل صعوبة الحصول على العلم، وأنه لا يحصل بالتمني، وإنما يحصل ببذل الجهد.
وقد كان السلف -رحمهم الله تعالى- يبذلون الجهد في تحصيل العلم، فيسهرون الليالي في المذاكرة، ويقطعون المسافات الطويلة التي تستغرق شهرا، وأشهرا في سبيل الحصول على شيء من الأحاديث النبوية التي لم تكن في بلادهم، ويتغربون عن بلادهم الشهر، والأشهر، وربما السنة، والسنوات، حتى ذكروا أن محمد بن إسحاق بن منده تغرب عن بلده في طلب العلم أربعين سنة، ثم عاد بعدها، وقد حمل بعيرا، أو أكثر من الكتب التي تحصل عليها، إما نسخا، وإما شراء أو نحو ذلك، كل ذلك يدل على أنهم تعبوا في تحصيل العلم.
في بلادنا، وفي زماننا هذا -والحمد لله- لا يحصل تعب، ولا مشقة؛ لوجود الوسائل التي تنقل الإنسان من مكان إلى مكان في أقرب وقت، وكذلك أيضا الوسائل التي يتوصل بها إلى الاتصال بمن يريد، فيسأل عن ما يريد، وهكذا أيضا انتشار وسائل العلم: كالكتب التي يسر الله تعالى وجودها، وطبعها، ونشرها، وكالأشرطة، وما أشبهها فأصبح العلم الشرعي في متناول الأيدي يتناوله، ويحصل عليه من أراده بدون كلفة، أو مشقة.